بين الانتخابات والبزنس… انشطار في حزب الكتلة الوطنية
حزب “الكتلة الوطنية” في ورطة، حالة من الارتباك والتوتر تقترب من الاشتباك بين كوادرها والقيادة بسبب الافتراق السياسي والانتخابات والطموحات الشخصية.
منذ انتقال ملكية الحزب إلى مجموعة جديدة من المتمولين، يعيش حزب العميد ريمون إده حالاً من التخبط بسبب انعدام الخبرة السياسية والحزبية لدى قيادته التي انتقلت من العائلة السياسية إلى مجموعة متمولين.
ويتهم قدامى المحازبين أمين عام الحزب بيار عيسى بانعدام خبرته في التعاطي مع القضايا الوطنية وتفرّده في أخذ القرارات والمواقف التي لا تمثّل نهج الكتلة العريق.
حال عدم الرضا عن عيسى دفعت ببعض القياديين السابقين في الحزب، الذي ارتدى حلّةً جديدةً تحت قيادة مجموعة من رجال الأعمال تحت عنوان مشروع “إصلاحي” وشعار “العدالة الاجتماعية”، إلى تأليف لجنة تضم أعضاء مجلس الحزب ومجموعة من الأطباء والمهندسين للتعبير عن امتعاضهم الشديد من أداء عيسى واعتراضهم على المواقف التي يطلقها حيال القضية الوطنية والسياسية باسم الحزب دون تحديد الجهة الفعلية سواء باسم العميد أو اللّجنة التنفيذية في الحزب أو مجلس القيادة كما تقتضي أصول العمل الحزبي.
الشرخ الحزبي الذي يبدو أنّه سيتمدّد لا سيّما خلال التحضير للانتخابات النيابية، دفع ببعض المحازبين للاجتماع مع العميد السابق للحزب كارلوس إده في منزله في بيروت، حيث يقضي إجازة بعد انتقاله إلى البرازيل التي نشأ فيها، لبحث تداعيات السلوك المتناقض وغير المنسّق مع مبادئ الحزب وقياداته.
وطلب المحازبون ومن بينهم الدكتور شربل كفوري وسيمون بيار الخوري وجورج مجيد القدوم وغيرهم من القدامى، من إده التحرك لضبط الأمور التي تثير حُنق الكتلويين لئلا يموت حزب العميد ويتحوّل إلى ماكينة لتفرّد طموحات البعض.
الانشطار في مسار الحزب التاريخي أصاب مجلس شيوخه، ومنذ أيّام غرّد المنتج مروان نجار وهو كتلوي عتيق، ما يؤشّر إلى حال الحزب بقوله “نعم تماهينا بالكتلة الوطنية قبل نصف قرن لأنّها بقيت منسجمة مع نبل عميدها متعاليةً على ضيق أفق المارونيّة السياسيّة بمفهومها الآنيّ المنفعل الذي أوقعها في كمائن الحرب آنذاك، منزّهةً عن تذاكي الجهات المقابلة على تنوّع انتماءاتها وفروعها”. وتابع متسائلاً “فكيف صارت الكتلة اليوم واحدة من تلك الفروع؟”.
ومن الاتهامات التي تطال عيسى أنه يعمل سمسارًا لبيع مواقف الحزب بما يتلاءم مع طموحاته الشخصية ومن ضمنها نيّته خوض الانتخابات النيابية في منطقة زحلة البقاعية دون المرور بقرارات الحزب.
وبحسب معلومات “أحوال” فإن مجموعة من قدامى حزب الكتلة الوطنية، يسعون للحصول على “علم وخبر” لإنشاء تجمّع جديد للعمل ضد القيادة الحالية وعلى استعادة الحزب القديم بمبادئه وشعاراته وليس من خلال نسف تاريخه.
وفي منطقة مؤسس الحزب ومسقط رأس عائلة إده، جبيل يجري التحضير من جانب حزب الكتلة الوطنية لإطلاق النشاط السياسي لمجلس قضاء جبيل، وذلك يوم السبت ٢٨ آب / أغسطس في مدرسة القلبين الأقدسين في جبيل.
وفيما يستعد الجميع للانتخابات وسط الانهيار المتدحرج للبلاد، فإن الحزب يُعد العدّة أيضًا، لخوض الإنتخابات النيابية والبلدية في قضاء جبيل وباقي الأقضية في لبنان، وفي هذا الإطار تمّ تفويض النائب السّابق روبير فاضل لإدارة العلية الانتخابية في جبل لبنان.
حتى الآن، تغيب خارطة التحالفات الواضحة المعالم بالنسبة للانتخابات النيابية وينسّق حزب الكتلة الوطنية مع مجموعات نشطت داخل المجتمع المدني ومن بينها “عامية 17 تشرين” و”منتشرين” بشكل خاص، فيما هناك افتراق حاد بين الكتلة وحزب القوات اللبنانية، تجلّى بشكل واضح بعد إحياء ذكرى تفجير مرفأ بيروت في 4 آب عبر حفلة بيانات مضادة مليئة بالشتائم بين الفريقين، فيما العداء التاريخي بين حزب العميد وحزب الكتائب تختلف صورته اليوم مع أمين عام “الكتلة” المعروف بقربه من آل الجميل ويعمل جاهدًا على تمتين علاقة الحزبين. وكل هذه الضبابية تُقلق قدامى الحزب.
ورغم ذلك فإن الحزب بدأ يُحضّر مرشحيه في بعض المناطق ومن الأسماء المطروحة رئيس مجلس دائرة جبيل وعضو مجلس حزب الكتلة الوطنية اللبنانية، الدكتور طارق صقر فيما يميل البعض إلى ترشيح ابن عمشيت الدكتور عيسى عيسى.
في كل الأحوال حزب العميد العنيد، غائب عن الساحة السياسية الفعلية وبقي الإسم لمجموعة من المتمولين ورجال الأعمال ليحققوا أحلامهم الخاصة من خلاله، فهل ينجحون في تقديم حزب جديد وعصري كما يقولون أم يبقى إنجازهم هو دفن ما تبقى من الحزب التاريخي إلى الأبد؟